بغيض عند الله مقبول عندنا … بقلم د.فاتن الحلفي _العراق


رقم ليس بالهين ٥٢٢٥ اسرة عراقية تفككت خلال شهر ايلول لينتج عن تفككها.. على اقل تقدير ..١٠٤٥٠ طفل قد خذلوا من أبوين لم يتمكنا من صون امانتيهما تجاه طفولتهم وهما يسيران بهم نحو المجهول وفي درب ملبد بالشقاء وعدم الاستقرار لا يسمعون فيه سوى تنهدات صدروهم عن مرارة الحرمان من حضن أم او تطمينة اب ..لم ولن يتوقف عداد الطلاق في محاكم الاحوال الشخصية وتتصاعد حساباته عاما بعد عام مع تغاض فاضح للبصر من قبل من عليه تبني هذا الملف سواء من الحكومة أو البرلمان وكأنهم يعتبرونه امرا طبيعيا لا بد منه ما دام الشرع قد حلله .. متجاهلين ان شرعنا هذا قد أبغضه..عندما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ( ان ابغض الحلال عند الله الطلاق ) نعم لم يشكل لهم البغض الالهي للطلاق اي اهمية لكي لا يتحتم عليهم واجب شرعي في الحد منه وهذا صعب عليهم لانه يستنزف طاقاتهم ووقتهم واموالهم أقصد أموال الدولة .. ان الباحثين لم يقصروا فمكتبات جامعاتنا مليئة بالبحوث والقراءات التي شخصت المشكلة واسبابها وسبل معالجتها وانا كناشطة حقوقية وباحثة في موضوعات الاسرة ومطلعة على قصص وقصص سأورد ما وصلت اليه من استنتاج مبتعدة قليلا عن الاسباب التقليدية التي اوردتها البحوث والقراءات كالعامل الاقتصادي والعامل السياسي والعامل الاجتماعي وان كانت كلها عوامل حقيقية تودي بمصير الاسرة ان لم تعالج بسياسات ناجحة على مستوى الدولة .. ورأيي .. كم من اسر فقيرة وصلت بافرادها الى بر الأمان وكم من اسر غنية تفرق افرادها منتصف الدرب ولهذا فان العنصر المفقود والاساس الذي يمكن معه ضمان صمود الاسرة بوجه عوامل الفقر والظروف القاهرة والسياسات الاقتصادية الفاشلة التي غذتهما هو التفاهم واللغة المشتركة ما بين الزوجين والتي بانعدامها تنفجر العلاقة الزوجية امام ما ذكرت من ضغوطات فيطلب طرفيها الخلاص وبعد ان تسيطر مشاهد العنف الاسري وعدم الاحترام والاستفزاز على جو الاسرة وعلى مرئى ومسمع اطفالها للاسف واذا عدنا الى اسباب عدم التفاهم وفقدان اللغة المشتركة والفشل في بناء علاقة تكتنفها المودة والاحترام فاستطيع ان اوجزه في سوء الاختيار والفجوة العميقة بين الزوجين سواء في السن او الثقافة والادهى من ذلك الثقافة السائدة منذ سنوات واعتبرها هوة اجتماعية عميقة في مظهرها ونتائجها وهي الزواج المبكر والذي يعود لاحد سببين التقاليد الاجتماعية لحماية البنت من العنوسة ولتحقيق مكاسب اجتماعية واقتصادية لتأمين انجابها اكبر عدد من الايدي العاملة كما يحصل في القرى والارياف أو الترف الاقتصادي ورغبة العائلة الام في تزويج اولادها صغارا وتحمل نفقاتهم مع التدخل السافر بكل صغيرة أو كبيرة .. ثم نصدم بعدها بطلاق مبكر وباعمار مبكرة لكلا الزوجين .. ولو تمكنا من الوصول الى تفاصيل الاحصائيات لدينا لصدمنا بارقام المطلقين الصغار.. ثم نعود معا الى جدليتي في اعلاه وهي ما فائدة البحوث وما أطرح هنا امام اذان لا تصغي وتتشبث بقبول الحلال وان كان ابغضه ؟ وعلى اقل تقدير نحتاج الى بصمات تشريعية وقضائية لاعادة النظر بالمواد العشر الاولى من قانون الاحوال الشخصية رقم ١٨٨ لسنة ١٩٥٩ شكلا ومضمونا وادوات تنفيذها لكونها تتعلق بتعريف الزواج وسن الزواج والاكراه على الزواج والزواج خارج المحكمة ويمكن بمعالجة بسيطة لهذه النصوص تتفق مع تطورات المجتمع ومشكلة ارتفاع معدلات الزواج المبكر والطلاق بناء خطا دفاعيا اول لحماية البنت.. مثلا .. رفع سن زواج الصغيرات للضرورة القصوى من ١٤ سنة الى سن اعلى مع وضع محددات لهذه الضرورة يلتزم بها القضاة ..مثلا.. تفعيل العقوبات الخاصة بالاكراه على الزواج وعدم تسجيله في المحاكم قانونيا وتشديد تلك العقوبات ..مثلا .. تقنين ومراقبة وتنظيم مكاتب الزواج الاهلية .. وامور كثيرة أخرى.. ولا يفوتنا التأكيد على ما تحتاجه الاسرة العراقية من بصمات حكومية في بذل العناية الواجبة لانتشال الكثير من الاسر من واقعها الاقتصادي المزري وبتبني بعض السياسات الاقتصادية الناجحة لكي تشكل درعا يحمي الاسرة الهشة التي لا تفاهم او ود بين طرفيها من السقوط امام اول هبة ريح .